يعدّ «الإتيكيت» فن السلوك الراقي والتصرف الحسن الذي يبرز لياقة وحسن التصرّف للحصول على احترام الذات، تقدير الآخرين والثقة بالنفــــس، ولعلّ مرادفات تلك الكلمة باللغة العربية تندرج جميعها تحت كلمتين هامتين للغاية هما: مكارم الأخلاق، التي بعث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من اجل إتمامها. هاتان الكلمتان تختصران كل معاني الآداب الإسلامية، وتتوّجان مبدأ احترام الذات قبل احترام الآخرين.
«سيدتي» اطلعت» من أميرة بنت ناصر الصايغ في «مركز السلوك الراقي» بجدة، على قواعد أساسية وخطوات عملية تساعد الأمهات على تعليم أطفالهن هذا الفن..
يساهم تعليم أصول ومبادئ «الإتيكيت» في مراحل مبكرة إيجاباً في حياة المرء، إذ يعتبر تأسيس الأخلاق الحميدة والسلوكيات الحسنة سواء المنبعثة من قيم ديننا الإسلامي أو المكتسبة من مواقف حياتنا اليومية بشكل صحيح في أطفالنا منذ الصغر بمثابة جسر يساعدهم على تخطي الأمور الصعبة في حياتهم، واكتساب سلوكيات ومبادئ ترافقهم مدى الحياة.
ولذا، علينا اتباع قواعد فن «الإتيكيت» التالية، لكي نغرسها في نفوس أطفالنا.
الاحترام
يرتكز هذا الفن على قاعدة هامة للغاية متمثّلة في الاحترام. لذا، علّمي طفلك هذا المفهوم من خلال:
> آداب التعامل مع الآخرين.
> الركائز الأربعة التي تستند عليها العلاقة الأسرية، وهي: الحب والاحترام والرعاية والاهتمام.
> إزالة الحواجز بينكما، ومصادقته.
> الاحترام المتبادل بينكما، التقرب منه والاستماع إلى مشكلاته باهتمام، إذ يعتبر الإصغاء الجيد من أهم فنون التعامل.
> امدحي ما يعجبك من سلوكه فوراً، وداومي على تشجيعه لإظهار أفضل ما لديه باستخدام العبارات الرقيقة والمؤثرة.
الحديث والحوار
> اختاري كلمات مهذبة عند حديثك مع طفلك، فطريقة حديثك معه هي التي تحدّد طريقة كلامه مع الآخرين سواء الأهل، الأصدقاء، المعلمات، الزملاء وغيرهم.
> ليس بالضرورة أن تكوني متحدّثة بارعة، فالمهم اختيار الكلمات المهذبة سواء كانت جملة صغيرة أو حواراً طويلاً وربط الجمل ببعضها.
> أسلوبك في التعبير يعكس شخصيتك ومقدار احترامك للآخرين إلى طفلك.
> لا تتردّدي مطلقاً في الاعتذار لطفلك إذا ضايقته بدون سبب واضح، فهذا يجعلك المثال الأعلى له فيتصرف على نحو تصرفك إذا اخطأ في حق أحد.
> كوني صادقة في تنفيذ وعودك له.
> يجب عدم استخدام اليد والجسم أثناء الحديث.
> اهتمي بكل كلمة يقولها لك، فهو
لا يقولها لمجرد الكلام ولكن حتماً هناك إحساس خلفها، حتى لو لم يظهره بشكل مباشر.
> كوني مستمعة جيدة، استمعي له بكل حواسك, حافظي على بريق عينيك وأنت تنظرين إليه بدون مقاطعة.
التعارف والتحية
> ان التصرّف الذي تتبعينه هو مقياس الانطباع الأول عند طفلك، لذا تصرّفي بطريقة لائقة تعبّر عن الاحترام والتقدير.
> امنحي طفلك فرصة لإثبات الذات والثقة بالنفس وساعديه على تحسين سلوكه.
> لا تتوقعي منه أن يتعلّم ما تطلبينه من أول مرة أو أن يكون دائم الاستقامة والعقلانية.
سلوكيات
هذه بعض القواعد التي يجب غرزها بطريقة عملية في أطفالنا في المواقف المختلفة، وذلك على الشكل الآتي:
> داخل الأسرة: الالتزام بإلقاء التحية على الوالدين والإخوة عند الدخول إلى المنزل، وفور الاستيقاظ من النوم، وكذلك تحيّة قبل النوم. طرق الباب قبل الدخول إلى الغرفة ذات الباب المغلق أو الموارب والانتظار حتى يسمح له بالدخول. استخدام كلمات التهذيب في الحوار داخل الأسرة، مثل: «من فضلك»، «لو سمحت» و«شكراً».
> مع الكبار: التحدّث إليهم بوقار، تقديم ألقاب الاحترام قبل ذكر أسمائهم كمخاطبتهم بعم وخالة ونحو ذلك، عدم رفع الصوت أثناء وجودهم.
> الأصدقاء: علّميه حب المشاركة والتعاون مع أصدقائه، فعلى سبيل المثال، حين يأتي صديقه ليلعب معه اطلبي منه أن يشاركه اللعب بأشيائه وعدم احتكار الألعاب لنفسه.
> مع الفقراء والمحتاجين: عدم نهر الفقير إذا طلب شيئاً تطبيقاً لأمر الله تعالى: {وأما السائل فلا تنهر}. واطلبي منه عدم الحديث أمام الفقراء عن ألعابه، أدواته، رحلاته ومنزله وغير ذلك من الأحاديث التي تشعر المحتاج بالفارق المادي بينهما, وعلّميه أن يساعده بطريقة لا تجرح مشاعره.
> مع العاملات في المنزل والسائقين: مــــــن اللائــق أن
لا تستخدمين كلمة خادمة واستبدليها بمسميات أخرى مثل عاملة منزلية أو «داده»، كما عليك تعزيز كلمات الشكر عند تأديتهم أي خدمة لك أمام طفلك.
> مع ذوي الاحتياجات الخاصة: مراعاة الذوق إن اضطررت إلى الحديث عن إعاقتهم، واختيار الألفاظ المناسبة التي لا تسبب الحرج، كأن تتجنبي كلمة أعمى وأخرس واستبدليهما بعبارة: فاقد البصر أو فاقد للسمع أو فاقد النطق ونحو ذلك، وحدثيه باستمرار عن طريقة تقديم المساعدة لهم بشكل تلقائي وعفوي من دون أن نشعرهم بحاجتهم إلى الآخرين.
> الزيارات الأسرية: عوّديه على عدم لمس أي قطعة موجودة في منزلهم، وإذا كان لديهم أولاد من عمره فليجلس معهم في المكان الذي يحددونه، وأن يكتفي بما يقدم له
ولا يطلب شيئاً من ربة المنزل، مع التقليل من الأسئلة الكثيرة التي يطرحها على أهل البيت أثناء هذه الزيارة.
> المائدة والطعام: علّميه كيف يأكل بالشوكة والسكين والملعقة. وقد يحاول الولد أن يلقي الأوساخ في المكان الذي يجلس فيه أو أن يلعب بطعامه، لذا عليك ألا تتجاهلي تصرفه بل يجب تنبيهه إلى أن تصرفه خطأ. ومع مرور الوقت، سيعتاد على أن يكون نظيفاً. وإذا لوّث الطفل يديه وفمه بطريقة مقصودة، يجب
ألا نضحك له لأنه سيشعر وكأنه قام بأمر ظريف وبطولي. وعلّميه أن يأكل بهدوء وبفم مغلق وعدم وضع كميات كبيرة في فمه, أن يشارك الولد أهله على المائدة وألا ينهض قبل أن ينتهي الجميع.
> النظام والنظافة: اغرزي فيه حب النظام, ترتيب أدواته وأغراضه، نظافة جسمه من خلال سلوكك، لأن الأطفال يقلدون جميع السلوكيات الصادرة منك سواء الإيجابية أو السلبية.
> الخصوصية: لكي يتعلم طفلك احترام خصوصيتك، لا بد وأن تحترمي خصوصياته من خلال عدم التنصت على مكالماته، تجنب تفتيش متعلقاته، الاستئذان قبل الدخول عليه.
> السوق: عودي طفلك إذا دخل إلى محل أن يمسك بالباب للشخص الآخر الذي سيدخل بعده، احرصي على تحية البائع بالقول: «السلام عليكم ورحمة الله»، ثم اطلبي من البائع ما تريدينه بسرعة حتى تعطيه الفرصة لمساعدة غيرك. اسأليه عن السعر بأدب وناديه بعبارة «لو سمحت»... كل هذه التصرّفات تتم أثناء اصطحابك لطفلك، على أن يكون ذل
عبارة خاطئة
«يجب أن تتصرف باحترام أكثر فنحن لسنا في المنزل»: عبارة تتكرر باستمرار من الأمهات، مع اغفال أن معناها يفيد بأن السلوكيات الحسنة ليست سوى قطعة اكسسوار جميلة عليهم ارتداؤها فقط خارج المنزل وخلعها بمجرد العودة! علماً أن بعض العائلات تهتم بسلوكيات أطفالها فقط عندما يكونون خارج المنزل و في وجود الغرباء. ولكن، بمجرد العودة إلى المنزل، لا يلقون لهذا الأمر دراية. ولذا، علينا كأمهات تعليم أطفالنا أن المنزل وأفراد العائلة المقيمين فيه يستحقون منهم أن يظهروا في أحسن صورة من حيث التهذيب والاحترام تماماً مثل الآخرين.
هام لك...
تشير الخبيرة في فن الإتيكيت أميرة بنت ناصر الصايغ إلى تجنب بعض السلوكيات التي تسبب إساءة للطفل بصورة غير مباشرة، وهي:
> انتقاده علانية وإظهار عيوبه أمام الآخرين.
> نقد الجوانب السلبية لديه باستخدام أسلوب النقد المدمر الذي يشعره بالإحباط, وبالتالي يكون حافزاً لمزيد من اللامبالاة والتهاون نتيجة عدم تفهمه للمشكلة.
> استخدام عبارات النقد الجارحة التي تنتقد مظهره أو أسلوبه في الحديث أو المشي أو غير ذلك.
> التركيز في انتقادك المستمر على شخصيته وليس على سلوكه يدمّر شخصيته ويضعفها ويساهم في اهتزاز ثقته بنفسه، أما تركيزك على سلوكه ويفتح أمامه نوافذ المعرفة، عبر اكتشاف الخطأ والعمل على تصحيحه.